من اعظم حظارات العالم حضارة بلاد فارس
فى سنة 1971م , حلت ذكرى مرور 2500 عام على ميلاد إمبراطورية الفرس ...
لم يكتفي بــملك الملوك وشمس الآريين ,وتلك الألقاب التي
خلعها على نفسه في إحتفال إتسمت مراسيمةُ بالبذخ..!
خلعها على نفسه في إحتفال إتسمت مراسيمةُ بالبذخ..!
بل كان لابد للتاج البهلويّ أن يزدادَ شأواً,وكأن صاحبةُ يحاول ترميم صدعٍ ما قد يخل من ثبات أركانه ..!
"برسيبوليس" كانت شرارة الفكرة التي قدحت في ذهن
الشاه (محمد رضا بهلويّ) تلك المدينة العظيمة التي بناها
داريوس (دارا) الأول عام 530 ق.م ,ورمز الدولة الإخمينية أعظم إمبراطورية فارسية يفخر بحضارتها العريقة كل إيراني..
الشاه (محمد رضا بهلويّ) تلك المدينة العظيمة التي بناها
داريوس (دارا) الأول عام 530 ق.م ,ورمز الدولة الإخمينية أعظم إمبراطورية فارسية يفخر بحضارتها العريقة كل إيراني..
قام( الإسكندر المقدوني) بـإحراقها سنة 331 ق.م عندما وصلت أساطيله المنطقة آخذاً بـثأر العاصمة اليونانية التي احرقها الفرس فيما قبل..
تخت جمشيد أو برسيبوليس (إصطخر حالياً) التاريخ الموغل في الصخر,صُنفت ضمن أعظم المناطق الأثرية.
الإســـتعــدادات..
إستغرقت الشهبانو فرح شهراً كاملاً لشرح أسباب ومغزى هذا الإحتفال الإسطوري للصحفيين,لكن الإعداد لهذا الخيال وجعله واقعاً على الأرض إستغرق عشرة أعوام من تاريخ الإمبراطورية البهلوية ,كان التركيز فيها على الجانب التاريخي,ومن أجل ذلك طلبت إيران عون فرنسا فيما يخص التفاصيل العلمية بينما اهتمت إيران بفلسفة الحدث نفسه .
إستغرقت الشهبانو فرح شهراً كاملاً لشرح أسباب ومغزى هذا الإحتفال الإسطوري للصحفيين,لكن الإعداد لهذا الخيال وجعله واقعاً على الأرض إستغرق عشرة أعوام من تاريخ الإمبراطورية البهلوية ,كان التركيز فيها على الجانب التاريخي,ومن أجل ذلك طلبت إيران عون فرنسا فيما يخص التفاصيل العلمية بينما اهتمت إيران بفلسفة الحدث نفسه .
فقد تم إنشاء خمسون خيمة لأبرز الضيوف بدت وكأنها شقق, مؤلفة من غرف نوم واخرى للجلوس حمامات,وعدة غرف ملحقة خُصصت للحاشية والخدم,مع تجهيز 250 سيارة حمراءمن نوع مرسيدس- بنز لتنقلاتهم..
ولأن هذه الخيام نُصبت في قلب الصحراء كان لابد من القيام بحملات تطهير للقضاء على الأفاعي والزواحف السامة حفاظاً عل سلامة الوفود,فقد نشط العاملون في ذلك حتى إنهم ملئوا مئات الجِرار بأغرب أنواع المخلوقات الصحراوية ..!
ولتبدو الصحراء جنة تسر الناظرين تم إستزراع الرقع التي ستحتضن الحفل وجوانب الطرقات المعبدة بأشجار الصنوبر.
العالم كله متأهب,فلقد أقفل المطعم الباريسي الشهير (مكسيم) المُتعهد بإعداد طعام الحفل أبوابة خمسةَ عشر يوماً لتحضير المأدبة التي جنّد لها عدد من أكفأ كوادر الطهاة..
وإستكمالاً لترتيبات الحفل تم توسيع مطار شيراز لإستقبال ضيوف الشاه,وعُبدت الطرق واُنيرت القرى,أيضاً تم إفتتاح ثلاثة الآف مدرسة,وأُجريت عدة تحسينات لجميع المرافق التي يمكن الإستفادة منها فيما بعد لدعم السياحة الإيرانية..
ولـــترسيخ الحدث في جبهة التاريخ تم إستصدار عملة نقدية رسمية تحمل شعار برسيبولس,كُل ذلك والشعب الإيراني يترنح جوعاً وجهلاً و الشهبانو فرح تسرف في تبريراتها, فهيَ وأسد علم ( رئيس البلاط الملكي )
أشرفا على كافة تفاصيل الإحتفال ,وتعجب كيف يُستنكر عليهم الإهتمام بعظمة خمسةٌ وعشرون قرناً..!
أشرفا على كافة تفاصيل الإحتفال ,وتعجب كيف يُستنكر عليهم الإهتمام بعظمة خمسةٌ وعشرون قرناً..!
وقد فعلت العائلة المالكة كل ما يمكن أن يتخيله المرء لإنجاح هذا الإحتفال,فقد كان الوزراء يحملون الحقائب أحياناً للضيوف,وكانت سيدات القصر على إستعداد لكيّْ قمصان الضيوف (كما قالت فرح ديبا ) إذا لزم الأمر بالطبع..!!
إفتتاح الإحتفال..
12 تشرين الأول/أكتوبر1971
12 تشرين الأول/أكتوبر1971
سجادة زرقاء تمتد حتى قبر كورش امتدت من مهبط المروحية التي أقلت الشاه والشهبانو و ولي العهد إلى هناك,إصطفاف عشرات الجنود وكبار القادة العسكرين والضيوف على جانبيها, بينما بقية أفراد العائلة تقف جانباً على سجادة حمراء..!
يسير الشاه ببطء وهو مرتدياً بزته العسكرية, محاطاً بالجنود محيياً الضيوف والضباط,حتى وصل لقبر كورش (سايروس) مُـهدياً ذاك الضريح الصخري البسيط اكليل من الزهور ..
وقالت الشهبانو فرح تصف المشاعر أثناء تلك اللحظات: (إنه مشهد مؤثرفي وجدان أي إيراني إذ يرى أمامه ذكرى أكبر ملوك إيران وقد نقش تاريخه على الأحجار متضمناً كل المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان منذُ 2500 عام,فما أعظم الإيرانيين حين يرون ملكهم اليوم يخلّد ذكرى الملك البعيد..).
ثم عاد الشاه على قرع الطبول إلى السجادة الحمراء حيث ألقى خِطاباً قدّم فيه التحية لسايروس وخاطبهُ بــ " أنت وأنا من أمتنا.."," أرقد بسلام" فالشاه تعهد بالمحافظة على تراث البلد الذي يعتز به, ثم صمت الجَمع دقيقة, إجلالاً للذكرى الفارسية..!
كل ذلك كان بعد أن إستقبل الشاه ضيوفه ملوك ورؤساء وممثلي بلدان العالم ,الذين وصلوا مطار شيراز الكائن قرب أطلال برسيبولس, و أُستقبل كلٌ منهم بالسلام الخاص ببلدة ورفع علم الدولة وكان على قائد حرس الشرف إستعراض حرس الشرف لجميع الوفود كما هو العُرف في ذلك,لكن الطريف في الأمر أن الضابط ارتطم أنفة بالباب الزجاجي عند عودتة,فقد بلغ الإرهاق منه كل مبلغ..!
وكان من بين المدعوين: إمبراطور أثيوبيا هيلا سيلاسي,الأمير رينية أمير موناكو, زعامات من الخليج ,الملك حسين وعقيلته الملكة علياء ,الكاردينال فوستنبرج
مبعوث البابا,ملك وملكة الدنمارك,ملك النرويج,والبلجيك , الأمير فيليب ممثلاً الملكة اليزابث يرافقة دوق أدنبرة, الزعيم التركي و ولي عهد السويد.
مبعوث البابا,ملك وملكة الدنمارك,ملك النرويج,والبلجيك , الأمير فيليب ممثلاً الملكة اليزابث يرافقة دوق أدنبرة, الزعيم التركي و ولي عهد السويد.
وفي ختام الإفتتاح الرسمي كان الوقت قد حان ليطير الشاه وضيوفة ليحطوا في صفحة من صفحات التاريخ المعتق, فالمروحيات قد نقلتهم من باسارغاداي - مدفن سايروس- إلى برسيبولس حيث السحر بعينه,فالخيام التي صممتها شركه فرنسية والمُعدة لإستقبال الضيوف, إنبثقت من وسط الصحراء على شكل نجمة خُماسية تُمثل القارات الخمس,فالعالم كله مدعوا..!
وليس للحفل أن يزداد فخامة دون مأدبة تظل عالقة في ذهن كل من حضرها,فقد تم استيراد أطنان من الخضار واللحوم الطازجة والمياه والصودا والعصائر والنبيذ من باريس, الشريك الفعّال في هذا الحدث, وصاحبة الذوق الرفيع في الحبكة والتصميم, فمناضد الطعام اتخذت شكل ثعبان طوله 57 متراً,حملت أصناف المأكولات والمشروبات, فالكافيار القزويني كان حاضراً لكنهُ محشواً داخل الطيور!!,والروائح الطيبة تعبق من اللحم المشويّ ,وأقداح الشمبانيا والنبيذ تـُدار,فقد صُبت آنذاك 5000 ألاف قنينة..!!
وكان لابد لهذه الأبهة سقف يماثلها أو يضاهيها في الروعة, فأكتست سقوف خيام الطعام بالحرير الأزرق الفاخر وكأن السماء استحالت خميلة,يتدلى من أديمها عشرات الثريات من الكريستال البوهيمي تشع في جو يُنفث فيه سحر اوركسترا موزارت ترسلها أنامل الموسيقيين من الشرفة, يكتنف كل هذا ستائر دمقس حاكتها أذواق مؤنقة بخيوط الترف..!
ختام الحفل..
أبواق سايروس وداريوس تُنفخ..!
ظلَ سحر برسيبولس معقوداً بضعة أيام,ارتأى الشاه أن خير مُختتمٍ لها, الصِبغة الفارسية الأصيلة العابقة في أعمدة تخت جمشيد 25 قرناً, فكانت أكبر المسيرات التاريخية هناك, حيث تم استعراض شذرات من التاريخ الإيراني والقوة والمجد الإمبراطوري, و على أطلال برسيبوليس
وقف جنود إيرانيون يرتدون أزياء فارسية قديمة وشعور ولحى مستعارة حاملين سيوف و دروع كناية عن المحاربين القدامى, وأخذوا أماكنهم في مواقع متعددة من المدينة.
وقف جنود إيرانيون يرتدون أزياء فارسية قديمة وشعور ولحى مستعارة حاملين سيوف و دروع كناية عن المحاربين القدامى, وأخذوا أماكنهم في مواقع متعددة من المدينة.
وقد جسّد أربعة ألاف جندي تاريخ إيران بعصورهِ ومراحلهِ المتعاقبة ابتداء من الإمبراطورية الفارسية وحتى الأسرة الكاجارية على دق الطبول ونفخ الأبواق وكأن سايروس على وشك الظهور هو وجميع ملوك الإمبراطورية ليشهدوا لحظات الإحتفاء مع أحفادهم..!
كان الموكب الفارسي عظيم, فقد بدا الكل مشدوهاً خصوصاً لمنظر الزوارق الحربية الضخمة,وفيما تلا ذلك تلقى الشاه محمد رسالة تهنئة وصلته من رئيس البرلمان الإيراني, نقلها إليه ضابطان قَدما من طهران على ظهر خيول اُستبدلت أكثر من مره.
وكانت الرسالة عبارة عن مخطوط أشبه بالرسائل القديمة ,وفيها قدّم رئيس البرلمان شكره وامتنانه للشاه,وبالطبع لم تخلو من تبجيل سايروس وأنه هو واضع أسس الإنسانية والعدل في العالم والداعي إلى نبذ القسوة وأيضاً يعد من المعلمين الأوائل لحقوق الإنسان..!
وتمنى أيضاً بإسم الشاه أن يعم السلام العالم والنأي عن التعصب والظلم, وأن يؤَمّن للأطفال حياة خالية من الجوع والفقر والذل..!
وتمنى أيضاً بإسم الشاه أن يعم السلام العالم والنأي عن التعصب والظلم, وأن يؤَمّن للأطفال حياة خالية من الجوع والفقر والذل..!
فى 18 أكتوبر كان موعد إفتتاح إستاد أريامهر (شمس الأريين) أحد ألقاب الشاة العديدة والذى يتسع لحوالى 100 متفرج , وكان الإفتتاح يشمل عروض رياضية وخاصة الرياضة الإيرانية الشهيرة الزورخانة
العجيب أن موقف إيران في هذه الأثناء بدا كالذي يأمُر الناس بالبر وينسى نفسهُ..!
فبينما تناشد العالم سلاماً لا ظلم فيه ولا تعصب نجد أن الفساد ينخر عظام الدولة,إبتداء من جهاز المخابرات (السافاك) الذي قبض على شتى مجالات الحياة وبات مصدر رعب لكافة أطياف الشعب بتجاوزاته الفظيعة,وحتى حالات الفقر المخزي في عموم البلاد..!
فبينما تناشد العالم سلاماً لا ظلم فيه ولا تعصب نجد أن الفساد ينخر عظام الدولة,إبتداء من جهاز المخابرات (السافاك) الذي قبض على شتى مجالات الحياة وبات مصدر رعب لكافة أطياف الشعب بتجاوزاته الفظيعة,وحتى حالات الفقر المخزي في عموم البلاد..!
ومهما يكن من أمر فإن الإحتفال البهيج انتهى بعشاء فاخر عُزفت فيه الموسيقى التقليدية, وكانت طريقة مثلى لإنهاء الاحتفالات في برسيبوليس.
وهكذا حقق الشاه من خلال بوابة برسيبوليس ما كان يصبو إليه بجعل إيران عنصراً حاضراً وهاماً في المسرح العالمي,أيضاً محاولة جذب استثمارات تكون عائدة بالنفع على البلاد,والأهم أنها باتت ضمن منظومة البلدان السياحية التي قد تدر مدخولاً جيداً للدولة.
وسبحان الله , وعلى الرغم من كل هؤلاء الملوك والرؤساء , فعندما قامت الثورة وهرب الشاة وعائلته من البلاد لم يجد أى بلد يلجأ إليها , فأصدقاء الأمس منهم من ضاع ملكه فى إنقلاب , ومنهم من خشى غضب إيران الإسلامية الجديدة وأثر السلامة - باستثناء الرئيس المصرى الراحل أنور السادات الذى عرض أن يستقبله فى مصر مما تسبب له فى مشاكل عديدة مع تيارات الإسلام السياسى الصاعدة وقتذاك ...
تعليقات
إرسال تعليق